مجاعة ونزوح وانهيار للخدمات.. نساء غزة يواجهن كارثة إنسانية غير مسبوقة

مجاعة ونزوح وانهيار للخدمات.. نساء غزة يواجهن كارثة إنسانية غير مسبوقة
نساء في غزة- أرشيف

وثّقت الأمم المتحدة في تقرير حديث الكلفة الباهظة التي تدفعها نساء غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، مؤكدة أن القطاع المحاصر تحوّل خلال عامين فقط إلى واحدة من أخطر بؤر النزاع في العالم بالنسبة للنساء، مع تصاعد المجاعة والنزوح وانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية.

وقالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في تقريرها الصادر، اليوم الاثنين، إن أكثر من 33 ألف امرأة وفتاة قُتلن خلال الحرب، في حين تواجه مئات الآلاف منهن أوضاعاً كارثية تتجاوز حدود الاحتمال الإنساني. 

وأشار التقرير إلى أن "حياة النساء في غزة تُختصر اليوم بين فقد الأحباء، والبحث عن لقمة العيش، والصراع من أجل البقاء وسط الجوع والدمار".

مجاعة ونزوح جماعي

حذّر التقرير الأممي من أن نحو 250 ألف امرأة وفتاة يعشن حالياً في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي المرحلة التي تُعرّف بانعدام شبه تام للغذاء وانهيار سبل البقاء، ما يعني عملياً المجاعة، كما يواجه نحو 500 ألف امرأة وفتاة إضافية خطر الانزلاق إلى هذه المرحلة المأساوية خلال الأسابيع المقبلة إذا لم يتم التدخل العاجل.

وأوضحت الهيئة الأممية أن النساء يتحملن العبء الأكبر في مواجهة تبعات النزوح الجماعي، إذ يُقدّر أن أسرة واحدة من كل سبع أسر في غزة تقودها امرأة، أي ما يزيد على 16 ألف أرملة فقدن أزواجهن خلال الحرب. 

هؤلاء النسوة يجسدن "جيلاً جديداً من الأمهات المحاربات"، كما وصفهن التقرير، وهنّ يتحملن مسؤولية إعالة الأطفال وتدبير الحياة اليومية وسط المجاعة والقصف وانعدام الأمان.

انهيار النظام الصحي 

كشف التقرير أن النساء الحوامل في غزة يواجهن خطراً مضاعفاً بمعدل ثلاث مرات مقارنة بالعام الماضي، نتيجة الجوع الحاد ونُدرة المياه وانهيار النظام الصحي. 

وأصبحت فترتا الحمل والولادة من أخطر المراحل في حياة النساء، حيث تلد كثيرات منهن دون إشراف طبي أو حتى وجود قابلة مؤهلة.

وبيّنت التقديرات أن أكثر من نصف مليون امرأة محرومة من الرعاية الصحية الإنجابية، فيما تكافح نحو 700 ألف امرأة وفتاة لتأمين احتياجاتهن الصحية الأساسية خلال فترات الحيض، في ظل غياب المرافق الصحية ونقص المستلزمات الطبية.

وفي الوقت نفسه، تمر آلاف الفتيات المراهقات بأولى مراحل البلوغ تحت القصف والنزوح، دون أدنى مقومات الأمان أو الخصوصية أو الدعم النفسي والاجتماعي، مما يضاعف المخاطر الصحية والإنسانية التي تعيشها الفتيات في هذه المرحلة الحساسة.

انهيار التعليم وضياع المستقبل

أشار التقرير الأممي إلى أن أكثر من 318 ألف فتاة فقدن عامين دراسيين كاملين بسبب الحرب المستمرة، ويواجهن خطر خسارة عام ثالث في ظل تدمير المدارس وتحولها إلى ملاجئ للنازحين. 

وأكد التقرير أن "الجيل الصاعد من الفتيات في غزة يُحرم من حقه الأساسي في التعليم، ما يعني أن آثار الحرب ستتجاوز حدود اليوم لتطبع مستقبل المجتمع لعقود قادمة".

ولم يعد أي طفل أو طفلة في سن الدراسة قادراً على العودة إلى مقاعد التعليم في ظل القصف المتواصل وانهيار البنية التحتية التعليمية، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "خسارة جيل بأكمله، جيل وُلد في الحرب ويترعرع في الجوع والخوف".

تحذير من الانهيار الكامل

أكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في ختام تقريرها أن "النساء في غزة يدفعن الثمن الأفدح في حرب لا تبقي ولا تذر"، محذّرةً من أن استمرار الانهيار في الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية يهدد بكارثة إنسانية شاملة.

ودعت الهيئة المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لتأمين التمويل اللازم لبرامج الإغاثة ودعم النساء والفتيات في القطاع، مشددة على أن "صمت العالم أمام هذه المأساة هو تواطؤ غير مباشر في معاناة مستمرة تُهدد الحياة الكريمة لملايين البشر".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية